المحور الرابع الثقافة المؤسسية وكيل و مدير ادارة تعليمية
تحميل المحور الرابع الثقافة المؤسسية PDF
تحميل المحورالرابع الثقافة المؤسسية WORD
تمهيــــــد:
تعد الثقافة المؤسسية عنصرًا أساسيًا في المنظمات المعاصرة يفرض على القادة ومديريها أن يفهموا أبعادها وعناصرها الفرعية لكونها الوسط البيئي الذي تعيش فيه المنظمات، فالثقافة المؤسسية نتاج ما اكتسبه العاملون من أنماط سلوكية وطرق تفكير وقيم وعادات واتجاهات ومهارات تقنية قبل انضمامهم للمنظمة التي يعملون فيها، ثم تضفي المنظمة ذلك النسق الثقافي لمنسوبيها من خصائصها واهتماماتها وسياساتها وأهدافها وقيمها ما يحدد شخصية المنظمة ويميزها عن غيرها من المنظمات. ولاستيعاب دراسة مفهوم الثقافة المؤسسية وللاستفادة منه في حياة العاملين والمنظمات سيتطرق الفصل في هذا الجانب إلى مفهوم الثقافة المؤسسية وخصائصها وأهميتها وعلاقتها بالعمل وأنواعها ومكوناتها ووسائل تطويرها وتكوينها.
مفهوم الثقافة المؤسسية:
يعدّ مفهوم الثقافة من المفاهيم الشائعة في علم الأنثروبولوجيا حيث تعامل معه علماء الأنثروبولوجيا قبل مائة عام، ومع ذلك فقد اختلفوا في تحديد معناها. وفي عام 1952م جمع العالمان الأنثروبولوجيان كروبر وكلكهون حوالي (146) تعريفًا لمفهوم الثقافة حيث شملت هذه التعاريف حقولًا متعددة مثل التاريخ، علم النفس، علم الوراثة وبعض الحقول الأخرى.
ولقد كان من بين هذه التعاريف تعريف تايلور الذي يرى من خلاله أن الثقافة كلُّ معقد يشتمل على مجموعة من المعلومات والمعتقدات والفن والقانون والأخلاق والعادات وأي قدرات أخرى اكتسبها الإنسان بحكم عضويته في المجتمع. وعندما نتكلم عن الثقافة في الأنثروبولوجيا فإننا نشير إلى نماذج من السلوك والتطور الموجود في المجتمع والتي تعكس معلومات وأفكارًا وقيمًا وطقوسًا لهذا المجتمع.
ولمفهوم الثقافة في علم الأنثروبولوجيا عدة خصائص تمثل الأركان الأساسية لمفهوم الثقافة، وهذه الخصائص هي:
1. الثقافة عبارة عن نماذج.
2. الثقافة شيء يمكن تعلّمه.
3. الثقافة شيء قابل للانتقال بين المجتمعات.
4. الثقافة شيء يتحرك.
5. تكمن الثقافة في الرموز التي يوجدها الإنسان.
وقد انبثق مفهوم الثقافة المؤسسية في الأساس من أدبيات الإدارة والسلوك التنظيمي وهذا يرجع إلى ظهور المنظمات الحديثة وتزايد مشكلتها التنظيمية. ولم يتوصل علماء التنظيم إلى تعريف محدد لمفهوم الثقافة المؤسسية وإنما طوروا كثيرًا من التعاريف التي يغلب عليها التداخل وإن كان بعضها يكمل بعضًا، وقد استخدم مفهوم الثقافة المؤسسية كمظلة تؤوي الكثير من المفاهيم الإنسانية مثل القيم والنماذج الاجتماعية والقيم الأخلاقية والتكنولوجية وتأثيراتها.
وفي بداية الثمانينيات الميلادية ظهر ما يسمى بنظرية الثقافة المؤسسية وفحوى هذه النظرية أن لكل منظمة ثقافتها الخاصة التي تتكون من الجوانب الملموسة للمنظمة والقيم ثم الافتراضات الأساسية التي يكونها الأفراد حول منظماتهم. فالجوانب الملموسة أو المشاهدة في المنظمة هي من صنع الإنسان وهي من أكثر المستويات رؤية ويستطيع الفرد لمسها بنفسه، وتوجد في البيئة المادية المحيطة مثل تصميم المبنى والمكاتب وهذا الجانب مرئي ولكنه لا يعبر بشكل دقيق عن ثقافة المنظمة. أما الافتراضات الأساسية التي يكونها الأفراد حول منظماتهم حيث ينبع نمط الإدارة إلى حد بعيد من الافتراضات التي تفرضها عن الكيفية التي تؤدى بها الأعمال وهي التي توجه السلوك فعليًا وترشد أعضاء المنظمة إلى كيف يفهمون ويفكرون حيال الأشياء أو الموضوعات، وهي التي توفر الإطار الذي تبنى عليها القيم، وعليه تفهم الافتراضات الأساسية على أنها داخلية أو ضمنية في الإنسان وهي أكثر مستويات الثقافة المؤسسية خفية وبالطبع ليس من السهل ملاحظتها وتتطلب دقة وعناية في البحث. وعليه أصبحت القيم هي الجوهر الأساسي للثقافة التنظيمية.
ومن هذا المنطلق فإن الثقافة المؤسسية تعبر عن القيم التي يؤمن بها الأفراد في منظمة ما، وهذه القيم تؤثر بدورها في الجوانب الإنسانية الملموسة من المنظمة وفي سلوك الأفراد.
كما تعرف الثقافة المؤسسية بأنها مجموعة من المعاني المشتركة والتي تشمل القيم والاتجاهات والمشاعر التي تحكم سلوك أفرادها.
وهناك من يرى أن الثقافة المؤسسية منظومة المعاني والرموز والمعتقدات والطقوس والممارسات التي طُورّت مع الزمن وأصبحت سمة خاصة للمؤسسة والسلوك المتوقع من الأعضاء.
ومن هنا يمكن القول أن الثقافة المؤسسية مجموعة من القيم التي يؤمن بها الأفراد داخل المدرسة والتي تحكم سلوكهم وتؤثر على أدائهم للأعمال المنوطة بهم. وهذه القيم تشمل: (القوة، الصفوة، المكافأة، الفاعلية، الكفاءة، العدالة، فرق العمل، النظام).
خصائص الثقافة المؤسسية:
تستمد الثقافة المؤسسية خصائصها من خصائص الثقافة العامة في المجتمع من ناحية، ومن خصائص المنظمات الإدارية من ناحية أخرى. ويمكن تحديد خصائص الثقافة المؤسسية فيما يلي:
الإنسانية:
رغم أن الدوافع الفطرية للمجتمع تجعل الإنسان لا ينفرد بتكوين المجتمعات، إلا أن الإنسان بقدراته العقلية على الابتكار، والتعامل مع الرموز واختراع الأفكار التي من شأنها إشباع حاجاته وتحقيق تكيفه مع بيئته، وانتقاء القيم والمعايير التي تحدد سلوكه أصبح الكائن الوحيد الذي يصنع الثقافة ويبدع عناصرها ويرسم محتواها عبر العصور، والثقافة بدورها تصنع الإنسان وتشكّل شخصيته. والثقافة المؤسسية لها سمة الإنسانية فهي تتشكل من المعارف والحقائق والمدارك والمعاني والقيم التي يأتي بها الأفراد إلى التنظيم، أو التي تتكون لديهم خلال تفاعلهم مع التنظيم.
الاكتساب والتعليم:
الثقافة ليست غريزة فطرية ولكنها مكتسبة من المجتمع المحيط بالفرد، فلكل مجتمع إنساني ثقافة معينة محددة ببعد زماني وآخر مكاني، والفرد يكتسب ثقافته من المجتمع الذي يعيش فيه، والأوساط الاجتماعية التي يتنقل بينها سواء في الأسرة والمدرسة ومنظمة العمل. ويتم اكتساب الثقافة عن طريق التعليم المقصود أو غير المقصود، ومن خلال الخبرة و التجربة، ومن خلال صلاته وعلاقاته وتفاعله مع الآخرين.
والثقافة المؤسسية مكتسبة من خلال تفاعل الفرد في المنظمة بعامة أو في أي قسم أو إدارة منها بصفة خاصة، فيتعلم من رؤسائه ومن قادته أسلوب العمل، والمهارات اللازمة لعمله، والطريقة التي يتعاون بها مع زملائه، ومن خلال هذا التفاعل يكتسب الأفكار والقيم وأنماط السلوك المختلفة التي يشبع من خلالها طموحاته ويحقق من خلالها أهدافه وأهداف المنظمة.
الاستمرارية:
تتسم الثقافة بخاصية الاستمرار، فالسمات الثقافية تحتفظ بكيانها لعدة أجيال رغم ما تتعرض له المجتمعات أو المنظمات الإدارية من تغيرات مفاجئة أو تدريجية. ورغم من فناء الأجيال المتعاقبة، إلا أن الثقافة تبقى من بعدهم لتتوارثها الأجيال، وتصبح جزءًا من ميراث المؤسسة.
ويساعد على استمرار الثقافة قدرتها على الإشباع وتزويد الأفراد بالحد الأدنى من التوازن. وهذا الإشباع هو الذي يدعم استمرار العادات والتقاليد وطرق التفكير والأنماط السلوكية، ويؤدي الإشباع إلى تدعيم القيم والخبرات والمهارات.
والثقافة المؤسسية رغم تواجدها لدى الأفراد إلا أنها تستمر في تأثيرها على إدارة المنظمات الإدارية حتى بعد زوال جيل من العاملين، وذلك لانتقالها من جيل إلى آخر متى كانت قادرة على إشباع حاجات العاملين، وتحقيق أهداف المنظمة التي يعملون فيها. ويترتب على استمرار الثقافة تراكم السمات الثقافية وتشابكها وتعقدها.
التراكمية:
يترتب على استمرار الثقافة تراكم السمات الثقافية خلال عصور طويلة من الزمن، وتعقد وتشابك العناصر الثقافية المكونة لها، وانتقال الأنماط الثقافية بين الأوساط الاجتماعية المختلفة. وتختلف الطريقة التي تتراكم بها خاصية ثقافة معينة عن الطريقة التي تتراكم بها خاصية ثقافة أخرى. فاللغة تتراكم بطريقة مختلفة عن تراكم التقنية، والقيم التنظيمية تتراكم بطريقة مختلفة عن تراكم أدوات الإنتاج، بمعنى أن الطبيعة التراكمية للثقافة تلاحظ بوضوح العناصر المادية للثقافة أكثر منها في العناصر المعنوية لها.
الانتقائية:
أدى تراكم الخبرات الإنسانية إلى تزايد السمات الثقافية والعناصر المكونة لها بصورة كبيرة ومتنوعة وتعجز معها الأجيال البشرية عن الاحتفاظ بالثقافة في ذاكرتها كاملة. هذا فرض على كل جيل أن يقوم بعمليات انتقائية واسعة من العناصر الثقافية التي تجمعت لديه بقدر ما يحقق إشباع حاجاته وتكيفه مع البيئة الاجتماعية والطبيعية المحيطة بها. لذا يرى قمبر وزملاؤه أن المجتمع الإنساني "يتميز بقدرته على انتقاء الخبرة من رصيدها المتراكم عبر الأجيال مكونًا بها رأس المال الذي يتعامل به الإنسان في انتقاله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة الاجتماعية".
إن الخبرات التي مرت بها المنظمات الإدارية تشكل تراكمًا ثقافيًا يخضع لعمليات انتقاء للعناصر الثقافية التي يتأثر بها القادة والعاملون في تلك المنظمات. فكل قائد ينتقي من العناصر الثقافية ما يزيد في قدرته على التكيف والتوافق مع الظروف المتغيرة التي تواجه المنظمة التي يعمل فيها.
القابلية للانتشار:
يتم انتقال العناصر الثقافية بطريقة واعية داخل الثقافة نفسها من جزء إلى أجزاء أخرى، ومن ثقافة مجتمع إلى ثقافة مجتمع آخر. ويتم الانتشار مباشرة عن طريق احتكاك الأفراد والجماعات بعضها ببعض داخل المجتمع الواحد، أو عن طريق احتكاك المجتمعات بعضها ببعض. وهذا الانتشار يكون سريعًا وفاعلًا عندما تحقق العناصر الثقافية فائدة للمجتمع، وحينما تلقى قبولًا واسعًا من أفراد المجتمع لقدرتها على حل بعض مشكلاتهم أو إشباع بعض حاجاتهم. وبصفة عامة تنتشر العناصر المادية للثقافة بسرعة أكبر من انتشار العناصر المعنوية لها.
والثقافة المؤسسية تنتشر بين المنظمات الإدارية وداخل الوحدات الإدارية بالمنظمة الواحدة، كما أن انتقال الهياكل التنظيمية والإجراءات والأنماط القيادية يتم بصورة أسرع من انتقال المفاهيم والاتجاهات والعادات السلوكية وغيرها مما يتصل بأنماط السلوك التنظيمي.
التغير:
تتميز الثقافة بخاصية التغير استجابة للأحداث التي تتعرض لها المجتمعات وتجعل من الأشكال الثقافية السائدة غير مناسبة لإشباع الاحتياجات التي تفرضها التغيرات الجديدة، فيحدث التغير الثقافي بفضل ما تضيفه الأجيال إلى الثقافة من خبرات وأنماط سلوكية، وبفضل ما تحذفه من أساليب وأفكار وعناصر ثقافية غير قادرة على تحقيق التكيف للمجتمع .
ويحدث التغير في كافة العناصر الثقافية مادية ومعنوية، غير أن إقبال الأفراد والجماعات وتقبلهم للتغير في الأدوات والأجهزة والتقنيات ومقاومتهم للتغيير في العادات والتقاليد والقيم، جعل التغير الثقافي يحدث بسرعة في العناصر المادية للثقافة، وببطء شديد في العناصر المعنوية للثقافة، مما يتسبب في حدوث ظاهرة التخلف الثقافي.
التكاملية:
تميل المكونات الثقافية إلى الاتحاد والالتحام لتشكل نسقا متوازنًا ومتكاملًا مع السمات الثقافية يحقق بنجاح عملية التكيف مع التغيرات المختلفة التي تشهدها المجتمعات ويستغرق التكامل الثقافي زمنًا طويلًا ويظهر بشكل واضح في المجتمعات البسيطة والمجتمعات المنعزلة، حيث يندر تعرض ثقافتها إلى عناصر خارجية دخيلة تؤثر فيها أو تتأثر بها، في حين يقل ظهور التكامل في ثقافة المجتمعات الحركية المنفتحة على الثقافات الأخرى، حيث تساعد وسائل الاتصال، ودور وسائل الإعلام في انتشار العناصر الثقافية من جماعة لأخرى، ويؤدي ذلك إلى إحداث التغير الثقافي وفقدان التوازن والانسجام بين عناصر الثقافة، وبصفة عامة يرى جلبي "أن التكامل الثقافي لا يتحقق بشكل تام لأن المجتمعات معرضة لإحداث ذلك التكامل".
تلك مجموعة من الخصائص الأساسية التي تشترك فيها الثقافة الإنسانية رغم تنوعها. وعلى الرغم من أن الثقافة المؤسسية تتفق مع تلك الخصائص، إلا أن لها بعض السمات التي تميزها باعتبارها ثقافة فرعية للمنظمات الإدارية تشكل مدارك العاملين والمديرين، وتزودهم بالطاقة الفاعلة وتحدد أنماط سلوكهم. وتنفرد الثقافة المؤسسية بالخصائص التالية:
1- أنها توجد في المنظمات الإدارية بشكل يماثل الثقافة المجتمعية.
2- أنها تتمثل في القيم والمعتقدات والإدراكات والمعايير السلوكية وإبداعات الأفراد وأنماط السلوك المختلفة.
3- أنها الطاقة التي تدفع أفراد المنظمة إلى العمل والإنتاجية.
4- أنها الهدف الموجّه والمؤثر في فاعلية المنظمة.
الثقافة المؤسسية وعلاقتها بالعمل:
تؤثر الثقافة المؤسسية على جوانب عديدة من نشاط العاملين في المنظمة. كما تؤثر في نوع التعليم الذي يبغيه الفرد والجهد الذي يبذله في العمل، والطريقة التي يتعاون بها مع أقرانه ورؤسائه، والعلاقات الإنسانية في العمل. ويبرز تأثير الثقافة المؤسسية على العمل في الجوانب التالية:
أ- الحرية:
وهي أن يشعر الفرد بالحرية في أداء عمله والاستقلالية الذاتية بحيث لا يبدي الفرد أي مقاومة في الانضمام إلى فريق العمل مع زملائه لإنجاز عمل ما.
ب- المساواة:
وتستلزم أن يقف العاملون جميعًا على قدم المساواة وأن تكون لهم جميعًا حقوق وامتيازات متساوية. ولا تتجاهل المساواة الفروق الفردية في النواحي العقلية والانفعالية والاجتماعية، وبالتالي تعد المساواة من أقوى عناصر الثقافة المؤسسية التي تقف خلف أداء العاملين في المنظمات.
وهناك فكرة أخرى ترتبط بالمساواة ألا وهي الإنصاف والعدالة، التي يقف الناس من خلالها متساوين، ويحصلون على حقوقهم دون تفرقة، وخاصة فيما يتعلق بقوانين العمل وأنماطه في المنظمات بصفة عامة.
ج – الأمن:
يشكل الأمن الوظيفي هاجسًا لكل موظف، إذ يخشى الموظف دائمًا مجابهة كبر السن أو التقاعد دون أن يؤمّن على حياته اقتصاديًا. إن تحقيق الأمن الاقتصادي يوفر للعامل حقه في الفرص المتكافئة للعمل بكفاية وإخلاص وضمان الأمن، والأمان من أية خسائر خارجة عن نطاق إمكاناته.
أنواع الثقافة المؤسسية:
للثقافة التنظيمية العديد من الأنواع تختلف من مكان إلى آخر حسب التقسيم الذي يتم استخدامه، كما أن أنواعها تختلف من منظمة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر ومن أبرز أنواعها ما يلي:
أ- الثقافة البيروقراطية (Bureaucratic Culture) في مثل هذه الثقافة المؤسسية تتحدد المسؤوليات والسلطات فالعمل يكون منظمًا والوحدات يتم بينها تنسيق، ومسلسل السلطة بشكل هرمي وتقوم على التحكم والالتزام.
ب- الثقافة الإبداعية (Innovative Culture) وتتميز بتوفير بيئة للعمل تساعد على الإبداع ويتصف أفرادها بحب المخاطرة في اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات.
ت- الثقافة المساندة (Suppoative Culture) تتميز بيئة العمل بالصداقة والمساعدة فيما بين العاملين فيسود جو الأسرة المتعاونة، وتوفر المنظمة الثقة والمساواة والتعاون ويكون التركيز على الجانب الإنساني في هذه البيئة.
ث- ثقافة العمليات (Process Culture) ويكون الاهتمام محصورًا في طريقة إنجاز العمل وليس النتائج التي تتحقق، فينتشر الحذر والحيطة بين الأفراد والذين يعملون على حماية أنفسهم. والفرد الناجح هو الذي يكون أكثر دقة وتنظيمًا والذي يهتم بالتفاصيل في عمله.
ج- ثقافة المهمة (Task Culture) وهذه الثقافة تركز على تحقيق الأهداف وإنجاز العمل وتهتم بالنتائج وتحاول استخدام الموارد بطرق مثالية من أجل تحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف.
ثقافة الدور (Role Culture) وتركز على نوع التخصص الوظيفي وبالتالي الأدوار الوصفية أكثر من الفرد. وتهتم بالقواعد والأنظمة، كما أنها توفر الأمن الوظيفي والاستمرارية وثبات الأداء.
كما أن هناك بعض الرواد والمهتمين في مجال الإدارة يقسمون الثقافة المؤسسية السائدة إلى قسمين هما:
ح- الثقافة القوية (Strong Culture).
خ- الثقافة الضعيفة (Weak Culture).
ويشيرون إلى أن هناك عاملين أساسيين يحددان درجة قوة ثقافة المنظمة هما:
· الإجماع (Consensus) أو مدى المشاطرة (ٍShared ness) لنفس القيم المهمة والحيوية في المنظمة من قبل الأعضاء. وتكون الثقافة قوية كلما كان هناك إجماع أكبر من الأعضاء على القيم والمعتقدات الحيوية في ثقافة المنظمة أو مشاطرة أوسع للقيم الحيوية. ويعتمد مدى الإجماع أو المشاطرة على عاملين هما:
o تنوير وتعريف العاملين وإطلاعهم على القيم السائدة في المنظمة وكيف يتم العمل.
o نظم العوائد والمكافآت فإذا ما منح الأعضاء الملتزمون بالقيم والعوائد والمكافآت فهذا يساعد الآخرين على تعلم القيم وفهمها.
· الشدة (Intensity) وتشير إلى مدى قوة تمسك الأعضاء في المنظمة بالقيم والمعتقدات المهمة. وتزداد ثقافة المنظمة قوة بتزايد شدة وقوة تمسك العاملين بالقيم والمعتقدات الحيوية.
القيم المكونة للثقافة التنظيمية في المنظمات:
من خلال الرجوع إلى الأدبيات في مجال الثقافة المؤسسية اتضح أن هناك مجموعة من القيم التي تشكل ثقافة المنظمات والتي تؤثر بدورها في سلوك الأفراد. وقد اتضح أن كلًا من فرانسيس، وودكوك أفضل من تناول هذا الجانب بالبحث. لذا سوف تقتصر هذه الدراسة على بعض القيم التي تناولها هذان الباحثان.
أ- القوة:
إن الإدارة الناجحة هي التي تتحمل مسؤولية تحديد مستقبل المنظمة، ومن ثم فهي تتبنى قيمة القوة التي تدعو المديرين إلى إدارة المنظمة بفاعلية من خلال إدراكها لمقاومة الأفراد للسلطة في المنظمة، والعمل على التقليل من تأثير إكراههم أو إجبارهم على قبول السلطة ما يؤدي إلى التغلب على مشكلات المقاومة المتأصلة عند الأفراد نحو التنظيم. وتكتسب القوة من أربعة مصادر هي: الملكية، والمعلومات، والجاذبية، والمكافأة والعقاب. ويتم اكتساب هذه المصادر الأربعة للقوة والحفاظ على تهيئة الظروف الخاصة بالاهتمام والاحترام، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة واللازمة للسلطة الفاعلة.
ب- الصفوة:
تتطلب القيادة الإدارية الفاعلة، مجموعة كبيرة وعالية من القدرات والكفاءات النادرة نسبيًا، التي تتوفر في الصفوة. ولذا تعد الصفوة –كقيمة- خيارًا صعبًا إذ يتم اختيارهم وفقًا لعدة معايير منها: تحديد الكفاءات، واستخدام المعايير الموضوعية، وتقصي سجل السلوك، والتعرف على قيم المرشح تجاه الإدارة وتقييم الكفاءات الفعلية للمرشح، واستكشاف دوافع المرشح.
ج- المكافأة:
إن المنظمة الناجحة هي التي تتبنى قيمة المكافأة وتقوم بتحديد معايير النجاح ومكافأته. والإدارة الناجحة تستخدم أنظمة الثواب والعقاب من أجل توحيد جهود المنظمة في اتجاه رفع مستوى الأداء. ولما كانت المكافأة تؤثر تحت ظروف معينة في الأساليب التي يتصرف بها الأفراد في بعض أمورهم، فإنه يمكن استخدام قوة المكافأة لاجتذاب العاملين القادرين، وإبراز الإمكانات المناسبة، وتشكيل السلوك، وتوحيد الجهود من أجل تحقيق أهداف المنظمة.
د- الفاعلية:
تتبنى المنظمة قيمة الفاعلية في التوصل إلى صنع واتخاذ القرارات المناسبة، والحد من الصراعات الشخصية والالتزام بتقييم المعلومات للتأكد من فاعليتها عند اتخاذ القرارات. ومن هنا يهتم القادة والإداريون بفاعلية البناء التنظيمي، وجمع وتنظيم البيانات الصحيحة والمعلومات الدقيقة من مصادرها المختلفة من أجل فهم المشكلات التي تواجه المنظمة واقتراح بدائل مناسبة لحلها.
هـ - الكفاءة:
تتبنى المنظمة الناجحة قيمة الكفاءة في أداء العمل بطريقة صحيحة وإكساب العاملين اتجاهات إيجابية نحو العمل الجاد. والمنظمات ليس لديها خيار إذا أرادت النجاح وتحقيق الأهداف، إلا أن تعمل على تطوير قيم الثقافة المؤسسية والتزام مديري الإدارات العليا التزامًا تامًا بقيمة الكفاءة من أجل الأداء الفاعل وتوجيه الأفراد إلى تحسين العمل وإتقانه، مع ملاحظة أن الكفاءة تتوقف على التكيف مع القرارات. حيث ثبت أن المشاركة في صنع القرارات لها أثرها في تنمية كفاءة القيادات الإدارية في المستويات الدنيا من التنظيم وتزيد من إحساسهم بالمسؤولية وتفهمهم لأهداف المنظمة.
و – العدالة:
تدرك المنظمات الناجحة أن رضا العاملين وشعورهم بالعدالة في المعاملة والرواتب والمكافآت يعد حافزًا للأداء الفاعل. لذا تتبنى المنظمات قيمة العدالة التي تتطلب من المديرين والقادة أن يعاملوا جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على ولائهم وانتمائهم، والالتزام بواجباتهم من أجل حصولهم على حقوقهم بطريقة تتوافر فيها العدالة.
ز – فرق العمل:
تنجز المؤسسة المتميزة بالديناميكية، والفاعلية، والقيادة الرشيدة أهداف المنظمة من خلال فرق العمل بصورة أكثر فاعلية من فرد له موهبة أو مجموعة من الأفراد العاديين. لذا تتبنى المنظمات الناجحة (قيمة فرق العمل) انطلاقًا من أهمية تلك الفرق في تعويض جوانب الضعف الفردية بجوانب القوة لدى أعضاء الفريق، وبناء الإجماع والالتزام، وإثارة الدافعية للعمل من الأعضاء المشاركين، وتجنب حدوث الأخطاء. وهذا يتطلب اختيار فرق العمل بعناية وتبصر وتروٍ من أجل الصالح العام للمنظمة، ومن أجل إيجاد توازن أفضل بين المهارات الشخصية والأنظمة المهنية، ومن أجل تلاحم مجموعة الأفراد المتقاربين في أهدافهم ولديهم المهارات الأساسية للعمل الجماعي.
ح- القانون والنظام:
تطوّر كل جماعة إطارًا من القوانين التي تنظم تصرفاتها، وتوفر القواعد الأساسية للسلوك المقبول. وتمارس المنظمات نفوذًا كبيرًا على سلوك موظفيها من خلال تلك القوانين. لذا فالمنظمة الناجحة هي التي تبتكر نظامًا مناسبًا من قواعد السلوك التي تتناسق بدورها في منظومة من القوانين. لذا فإن معظم المديرين يدركون الأهمية الأساسية للقانون في تنظيم سلوك العاملين بالمنظمة.
وهذه القيم التنظيمية التي تمت مناقشتها تؤثر تأثيرًا بالغًا على أداء العاملين حيث إن قيم القوة والصفوة والمكافأة تؤثر في ممارسة المديرين للصلاحيات والسلطات. أما قيم الفاعلية والكفاءة والكفاية فتؤثر في أداء المهمات والواجبات. بينما تؤثر قيم العدالة وفرق العمل والقانون والنظام في سلوك الأفراد وعلاقاتهم الإنسانية داخل المنظمة.
وسائل تطوير وتكوين وتغيير الثقافة المؤسسية:
هناك أربع وسائل لتكوين ثقافة المنظمة أو تغييرها وتطويرها:
أ- مشاركة العاملين:
إن أول وسيلة حساسة لتطوير أو تغيير ثقافة المنظمة هي النظم التي توفر المشاركة للعاملين؛ فهذه النظم تشجع العاملين على الانغماس في العمل. ما ينمي إحساسًا بالمسؤولية إزاء نتيجة الأعمال ومن الجانب النفسي يزيد التزام الفرد.
ب- الإدارة عمل رمزي:
إن ظهور أفعال واضحة ومرئية من قبل الإدارة في سبيل دعم القيم الثقافية يعتبر الوسيلة الثانية لتطوير الثقافة. فمثلًا العاملون يريدون معرفة ما هو مهم وإحدى الوسائل لذلك هي مراقبة وسماع السلطة والقيادة العليا بعناية حيث يتطلع العاملون إلى أنماط وأفعال الإدارة والتي تعزز أقوالها وتجعل الأفراد يصدقون ما تقوله.
ج- المعلومات من الآخرين:
إذا كانت الرسائل الواضحة من المديرين تعتبر عاملًا مهمًا في الثقافة فكذلك الرسائل الثابتة المتوافقة مع العاملين الزملاء؛ فشعور الفرد مثلًا بأن زميله مهتم به ويعطيه الانتباه الكامل يشكل نوعًا من الرقابة على الفرد. وهذا ما يؤدي إلى تكوين تكامل اجتماعي قوي للواقع عن طريق تقليص التفسيرات المختلفة.
د- نظم العوائد الشاملة:
ولا يقصد بها الجانب المادي فقط بل إن هذه النظم تشمل التقدير والاعتراف والقبول. كما أنها تركز على الجوانب الذاتية (Intrinsic) والعمل والشعور بالانتماء للمنظمة.
وبخصوص تغيير ثقافة المنظمة فهناك من يرى صعوبة كبرى في ذلك لأنه متى ما تم تأسيس المبادئ الأساسية لثقافة التنظيم المتمثلة في؛ أخلاقيات العمل (Work Eithics)، القيم التنظيمية (Organizational Values)، الاتجاهات العامة لمنسوبي التنظيم (Attitudes) الأنماط السلوكية (Behavioral Norms) توقعات أعضاء التنظيم (Expectations) فإنه في هذه الحالة يصعب تغييرها إلا عند حدوث تغييرات وتحولات جوهرية (Radical Shifts) في بيئة العمل الخارجية.